سوريا

سوريا




 سُورِيَا، أو (رسمياً: الجُمهُورِيّةُ العَرَبِيّةُ السُورِيّةُ) منذ 1961، هي دولة عربية تعد جمهورية مركزية، مؤلفة من 14 محافظة، عاصمتها وأكبر مدنها هي دمشق. تقع ضمن منطقة الشرق الأوسط في غرب آسيا؛ يحدها شمالاً تركيا، وشرقًا العراق، وجنوبًا الأردن، وغربًا فلسطين، ولبنان، والبحر الأبيض المتوسط، بمساحة 185180 كم مربع، وتضاريس وغطاء نباتي وحيواني متنوّع، ومناخ متراوح بين متوسطي، وشبه جاف. تصنف سوريا جنبًا إلى جنب مع العراق بوصفها أقدم مواقع مهد الحضارة البشري، واشتقت اسمها حسب أوفر النظريات الأكاديمية من آشور؛ بكل الأحوال منطقة سوريا التاريخية مختلفة عن الدولة السورية الحديثة من ناحية الامتداد والمساحة، وتشير الأولى إلى بلاد الشام، أو الهلال الخصيب.




الشعب السوري، من الشعوب النامية، والمتنوع عرقيًا ولغويًا ودينيًا، ويشكل عرب - مستعربي سوريا السنّة الغالبية بنحو 63% من مجموع الشعب؛ وهناك العديد من السمات الثقافية للشعب ككل. أبرز المدن والتي يفوق عدد سكانها مليوني نسمة، حلب، ودمشق؛ يبلغ عدد السكان حاليًا 22.5 مليون نسمة، وتنشط الهجرة منذ القرن التاسع عشر وهناك جاليات ضخمة من السوريين في الخارج. تعتبر سوريا من الدول النامية، ذات اقتصاد ضعيف، ومستوى دخل تحت المتوسط، وفساد واسع الانتشار، كان الاقتصاد اشتراكيًا ولم يبدأ بالإصلاح والتخلي التدريجي عنه بشكل فعلي إلا بعد عام 2000؛ في الأساس يعتمد الاقتصاد على الزراعة، والسياحة، والخدمات، مع ثروات باطنية، بعضها غير مستثمر بعد.



تقع سوريا في الجزء الجنوبي الغربي من قارة آسيا؛ تطل سوريا على البحر الأبيض المتوسط ويبلغ طول الشريط الساحلي 193 كم، أما مجموع الحدود العام يبلغ 2253 كم وهو موزع بين تركيا في الشمال والعراق في الشرق والجنوب، والأردن في الجنوب، أما من ناحية الغرب فإلى جانب البحر الأبيض المتوسط يحد سوريا كل من لبنان وإسرائيل؛ بين خطي عرض 32 – 37.5 شمال خط الاستواء، وبين خطي طول 35.5 – 42 شرق غرينتش، وتبلغ مساحتها 185000 كم2.

تضاريس البلاد متنوّعة: في الجنوب تقع هضبة الجولان البركانيّة وسهل حوران الخصيب يليه جبل العرب المكوّن أساسًا من الصخور البازلتية؛ نحو الشمال يوجد سلسلة جبال لبنان الغربية على الحدود مع لبنان والتي تحوي أعلى نقطة في البلاد وهي جبل الشيخ أو حرمون.

 وتنبسط منها سهول خصيبة تشكل غوطة دمشق، قبل أن تتحول إلى أراض جبلية جرديّة قاحلة في سلسلة جبال القلمون والنبك إلى شمال ريف دمشق؛ قبل أن تنبسط مجددًا في سهل الغاب وسهول الساحل السوري، الذي تقسمه طوليًا سلسلة جبال الساحل الممتدة من الحدود التركيّة وحتى لبنان.

 ويعدّ جبل الزاوية رديفًا له. في أقصى الشمال السوري، تتموضع حلب القائمة على هضبة محيطة بسهول خصيبة مع بعض الجبال مثل جبل سمعان؛ وتلتقي مع وادي الفرات ذي التربة الخصبة الممتد حتى الحدود العراقيّة؛ ويقع في أقصى الشمال الشرقي منطقة الجزيرة، التي اكتسبت اسمها من لكثرة الأنهار المتواجدة فيها، والتي تعتبر أيضًا من أخصب مناطق البلاد. بين وادي الفرات وسهل الغاب تتواجد بادية الشام، الرملية والقاحلة، تتخللها بضع جبال مثل سلسلة الجبال التدمرية.

 في سوريا جزيرة واحدة مقابل طرطوس هي جزيرة أرواد، وعدد من الأودية مثل وادي النصارى ووادي بردى.

سوريا غنية بالموارد المائية، سواءً أكانت أنهارًا أم بحيرات أم ينابيع جوفية. أكبر الأنهار المارة في سوريا هو نهر الفرات، الذي يدخل سوريا من تركيا ويجتاز منطقتها الشرقيّة باتجاه العراق ويبلغ طول مجراه في أراضي الجمهورية 675 كم، يضاف إليه عدد من الروافد الأساسية أبرزها نهر البليخ بطول 460 كم ونهر الخابور.

 كما يمر في سوريا نهر دجلة بطول 50 كم في أقصى الشمال الشرقي محاذيًا الحدود العراقية. ثالث الأنهار السورية من حيث الطول هو نهر العاصي الذي يدخل سوريا من لبنان بطول 325 كم ويشكل العصب الرئيسي للمناطق الزراعية في سهل الغاب؛ كما تتميز المنطقة الساحلية بالأنهار الجبلية القصيرة أبرزها نهر السن ونهر الكبير الشمالي، كما يوجد نهر بردى الذي ينبع من سلسلة جبال لبنان الشرقية مارًا بدمشق وغوطتها قبل أن يصب في بحيرة العتيبة في البادية، ويشكل المحفظة المائية لمدينة دمشق وريفها.

 أما الجنوب فأهمّ أنهاره نهر اليرموك الذي يتابع طريقه غربًا ملتقيًا بنهر الأردن قبل أن يصب بالبحر الميت. أقامت الدولة، عددًا وافرًا من السدود على مختلف الأنهار المارة في البلاد، أهمها سد الفرات الذي يشكل من خلفه بحيرة صناعية بطاقة 14.1 مليار متر مكعب من المياه؛ ومن السدود الهامة الأخرى، سد الرستن على نهر العاصي، وسد 16 تشرين على النهرالكبير الشمالي.

تحوي سوريا عددًا من البحيرات الطبيعية والاصطناعية المتشكلة خلف السدود أكبرها بحيرة الأسد، والبحيرات السبع قرب اللاذقية، وبحيرة 17 نيسان على نهر عفرين وبحيرة الرستن على نهر العاصي التي أنشئت عام 1960؛ أما البحيرات الطبيعية في سوريا أبرزها بحيرة قطينة قرب حمص وبحيرة زرزر قرب الزبداني، وبحيرة مسعدة في الجولان التي تتميز بمياهها الكبريتية.


الغطاء النباتي في سوريا متنوع في المناطق الوسطى والغربية ويناقض ذلك في مناطق بادية الشام وعموم المنطقة الشرقية. تحوي سوريا على ثلاثين محمية طبيعية؛ وتعتبر محافظة اللاذقية أغنى المحافظات السورية من حيث الغابات والغطاء النباتي بنسبة 31% من مجموع غابات الجمهورية تليها منطقة سهل الغاب بحوالي 12%.

 ويعيش في سوريا حوالي 3500 نوع من النباتات والأشجار فيها. أما عن الغطاء الحيواني فهو بدوره متنوع غير أن بضع حيوانات كانت تعيش في سوريا كالفيل السوري أو الفهد قد انقرضت تمامًا، ويلعب التصحر دورًا هامًا في القضاء على التنوع النباتي والحيواني في سوريا، ويهدد 18% من مجمل المساحة العامة. وتسعى الحكومة السورية لمكافحة التصحر من خلال خطط خاصة توضع لذلك.


بلغ عدد سكان سوريا حسب تقديرات الأمم المتحدة عام 2017، في مطلع شهر تموز حوالي 18,270 مليون نسمة  بمعدل نمو سكاني سالب بلغ -2.30% في حين قدرت نسبة الولادات بحوالي 18.9 مولود لكل ألف نسمة مقابل 5.4 مولود من الوفيات لكل ألف نسمة أيضًا؛ ويقيم حوالي 56.1% من مجموع السكان في المدن.

 وتعتبر مدينة حلب أكبر المدن السوريّة، بينما تتميز دمشق الكبرى بأكبر تجمع سكاني، ويقطن في المنطقتين 44% من مجموع الشعب. ولقد ارتفع عدد السكان من 4.5 مليون نسمة عام 1960 إلى 23.5 مليون نسمة (حسب تقديرات سنة 2010)، بسبب تحسن مستوى المعيشة والحالة الصحية، بينما انخفض معدل الخصوبة من 7 أطفال للمرأة الواحدة في المتوسط خلال منتصف القرن العشرين إلى 3 أطفال حاليًا، مع بقاء هذا الرقم فوق المتوسط العالمي المحدد بأنه 2.1 طفل للمرأة؛ وكانت هذه الزيادة السكانية المتسارعة تؤثر سلبًا على الاقتصاد والتنمية.

 إلى جانب المدن التي يفوق عدد سكانها المليونين وهما دمشق وحلب، فإن المدن التي فاق عدد سكانها المليون أو شارفت على ذلك هي حمص، وحماة، واللاذقية؛ أما بقية السكان فيعيشون في المدن الصغيرة، والريف إلى جانب وجود مجموعات قليلة من البدو في بادية الشام.

 تعاني البلاد من تضخم المدن الكبرى كدمشق وحلب مدعومة بالهجرة من الريف إلى المدينة، وهو ما يؤثر سلبًا على التنمية؛ وبشكل عام فإنّ الكثافة السكانيّة تعتبر عالية في المنطقة الساحلية وسهل الغاب وجبل الزاوية، والعاصمة دمشق وريفها ومدينة حلب، وتقلّ في الجزيرة ووادي الفرات، وتنعدم تقريبًا في بادية الشام.

منذ القرن التاسع عشر، ازدهرت الهجرة من سوريا نحو العالم الجديد، خصوصًا أمريكا اللاتينية، ويقدر العدد التقريبي لذوي الأصول السورية بنحو 12 - 15 مليون نسمة، ومع امتلاكهم حق الحصول على الجنسية السورية فإن معظمهم غير حاصل عليها، وفي الفترة الراهنة تزدهر الهجرة نحو منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ذات التأثير الديموغرافي الأقل على البلاد بسبب القرب الجغرافي من جهة، وعدم التجنيس في دول المهجر من جهة ثانية.

 لقد كانت سوريا منذ العصور القديمة موئلاً لهجرات عديدة، أو توطين بديل مثل هجرة الشركس في القرن التاسع عشر، أو فرق عسكرية وتجار استقرت نهائيًا في البلاد مثل التركمان، والأرناؤوط، وأحدث الهجرات هي هجرة بعض العشائر من نجد إلى وادي الفرات أواخر القرن السابع عشر، والهجرة الأرمنية خلال الحرب العالمية الأولى، وهجرة فلسطيني سوريا في أعقاب حربي 1948، و1967، والهجرة من الجولان بعد حرب 1967 أيضًا، والهجرة العراقية بعد غزو 2003.


يتكون الشعب السوري من سبعة عرقيات مختلفة، وتسعة طوائف باعتبار الكنائس المسيحية طائفة واحدة، و19 طائفة باعتبار الكنائس المسيحية طوائف منفصلة. ينصّ الدستور على المساواة في الحقوق والواجبات بين كافة السوريين. على مستوى الدين، فإنّ الإسلام وفق مذاهب أهل السنة والجماعة لاسيّما المذهب الحنفي هو الأكثر انتشارًا بين السوريين بحوالي 74%.

 وينصّ الدستور على إنه الدين الرئيس للدولة ويعدّ الفقه الحنفي مصدرًا رئيسيًا للتشريع فيها، ويضمن الدستور لمختلف الطوائف الأخرى قوانينها الخاصة في الأحوال الشخصية، كما يكفل الحرية الدينية وإنّ كانت مقيدة من بعض الجوانب حسب تقرير «الحرية الدينية في العالم»، وتشرف الدولة على القطاع الديني الإسلامي من خلال وزارة الأوقاف، أما المؤسسات المسيحية فهي مستقلة. 

وعلى مستوى المجموعات العرقية، فإنه وبعد الاستعراب غدا عرب سوريا العماد الأساسي للسكان في البلاد بحوالي 86%. وتتميز سوريا بارتفاع نسب "الأقليات" في مناطق معينة وتشكيلهم الغالبية فيها، مثل الساحل السوري ووادي العاصي الغربي ذي الغالبية العلوية، والجزيرة السورية ذات الغالبية الكردية - السريانية، وجبل العرب ذي الغالبية الدرزية.

الاقتصاد السوري النامي أساسًا تراجع بشكل كبير نتيجة الأزمة السورية، منكمشًا بنسبة 20% خلال عام 2013،
 مع دمار واسع في البنية التحتية اللازمة له، وارتفاع نسبة الفقر إلى أكثر من 50% من السكان،
 وبلوغ البطالة نسبة 39%،
 مع أعداد كبيرة من العاطلين الشباب، والخريجين الجدد، والمشتغلين بمجالات أدنى من اختصاصات دراستهم؛ هذه النتائج تعتبر الأسوأ على صعيد العالم ملحوقة بجنوب السودان. يضاف إلى ذلك، انهيار العملة الوطنية وهي الليرة السورية، لتفقد بين عامي 2012 - 2013 حوالي 200% من قيمتها،
 مع النتائج التضخمية وانخفاض القوة الشرائية للمواطن. بعض التقارير المتفائلة، تحدثت عن إمكانية "تعافي متسارع" للاقتصاد، بعد توقف الحرب والبدء بالتركيز على الجانب الاقتصادي، ذلك يعود إلى تجارب اقتصادية سابقة، فعلى سبيل المثال عام 1970 كان الناتج المحلي الإجمالي لسوريا 136 مليون دولار، وارتفع إلى 1.024 مليار دولار عام 1980، أي تضاعف عشرة مرات خلال عشر أعوام.

 اتجهت الدولة السورية منذ 1963 نحو سياسة الاقتصاد الاشتراكي، الموجه بالكامل، وبدأت بشكل فعلي بعد عام 2000 بإصلاح الاقتصاد والتوجه نحو اقتصاد السوق المفتوح، فحققت نسب نمو اقتصادية مرتفعة، وتحسن مستوى الدخل مع بقاءه أدنى من الدول المجاورة؛ على سبيل المثال فإن الناتج المحلي الإسمي للبلاد كان 46.5 مليار دولار، وهو رقم قريب من الناتج الاسمي الإجمالي للبنان عند 42.5 مليار دولار، رغم أن سوريا أكبر بثمانية عشر مرة لبنان من حيث المساحة، وخمس مرات من حيث عدد السكان تقريبًا، وأغنى من حيث الموارد الطبيعية، وهذا الأمر ناجم أساسًا عن السياسات الاشتراكية في سوريا، واعتماد لبنان نظام السوق المفتوح. 

تعاني سوريا من معدلات عالية من الفساد، وتعتبر البلاد من الدول العشر الأكثر فسادًا في العالم، كما يعاني الاقتصاد من العجز عن خلق فرص عمل جديدة لتناسب حجم زيادة سوق العمل المقدرة بحوالي 200 ألف عامل جديد سنويًا، بمجموع حوالي 7.5 مليون عامل عام 2012، وهو ما أفضى لارتفاع معدلات الهجرة بين الشباب الجامعي نحو دول العالم لاسيّما دول الخليج العربي؛ هناك أيضًا تفاوت اقتصادي وخدمي كبير بين المدن الكبرى مثل دمشق، وحلب، وحمص، واللاذقية، وبين الريف مثل الأتارب أو تفتناز. في مسح أجري عام 2011، عبّر 4.7% فقط من السوريين عن "رضاهم" بالحياة.

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

Marsa Matrouh

the Bull

Saudi