هولندا
هولندا
هولندا / هي دولة تأسيسية تشكل الجزء الأوروبي من مملكة الأراضي المنخفضة التي تتكون رسمياً من جزء أوروبي يضم اثنتي عشر مقاطعة، وتقع شمال غرب أوروبا، وجزء كاريبي يتكون من ثلاث جزر في البحر الكاريبي بأميركا اللاتينية. ويحد الجزء الأوروبي بحر الشمال من ناحيتي الشمال والغرب، وبلجيكا من الجنوب، وألمانيا من الشرق، ويشترك في حدوده البحرية مع كل من بلجيكا وألمانيا والمملكة المتحدة.
نظام الحكم في هولندا ديمقراطي برلماني، وعاصمتها الرسمية هي أمستردام، في حين يقع مقر الملك والحكومة في لاهاي. ميناء روتردام هو أكبر ميناء في أوروبا – ويصل حجمه حجم الثلاث موانئ التي تليه مجتمعة – وكان أكبر ميناء في العالم في الفترة بين 1962 و2004.
هولندا من أوائل الدول التي عرفت نظام البرلمانات المنتخبة، وهي عضو مؤسس في الإتحاد الأوروبي، ومنطقة اليورو، مجموعة العشرة، وحلف الناتو، ومنظمة التعاون الإقتصادي والتنمية، ومنظمة التجارة العالمية، والإتحاد الإقتصادي الثلاثي بنلوكس. وتستضيف في أراضيها مقر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وخمس محاكم دولية هي: محكمة التحكيم الدائمة ومحكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، والمحكمة الجنائية الدولية والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وتقع مقار المحاكم الأربع الأولى في لاهاي تماماً كما هو الحال بالنسبة لمقار وكالة الاستخبارات الجنائية التابعة للاتحاد الأوروبي يوروبول، ووكالة التعاون القضائي الأوروبي يوروجست..
يقع حوالي نصف مساحة أراضي هولندا تحت مستوى سطح البحر في منطقة يقطنها حوالي 21% من إجمالي السكان، بينما يقع نصف أراضيها الآخر في أقل من متر واحد (3.28 قدم) فوق مستوى سطح البحر. وهذه السمة الجغرافية هي التي أعطت للبلاد اسمها: الأراضي المنخفضة . معظم الأراضي المنخفضة الواقعة تحت مستوى سطح البحر كانت بفعل الإنسان نتيجة عمليات استخراج الخث (وهو نوع من النباتات المتفحمة) الجائرة التي دامت عدة قرون وعلى نطاق واسع، وعن طريق التجريف حتى في المناطق المغمورة بالفيضانات، مما أدى إلى انخفاض الأرض عن مستوى سطح البحر. وفي أواخر القرن السادس عشر الميلادي بدأت عمليات استصلاح الأراضي البحرية، وتم الحفاظ على مساحات كبيرة من هذه الأراضي حتى الآن من خلال أنظمة تصريف للمياه بالسدود والقنوات ومحطات الضخ. وتتشكل معظم أراضي هولندا من مصبات ثلاثة أنهار أوروبية مهمة، والتي تشكل مع أفرعها دلتا الراين - الماس - سخيلده. ومعظم مساحة البلاد مسطحة جداً باستثناء بضعة سفوح تلال منفردة في أقصى الجنوب الشرقي، وسلسلة تلالية قليلة الإرتفاع في الأجزاء الوسطى..
تم البدء في تنفيذ مشروع أعمال الدلتا بعد كارثة فيضان بحر الشمال في عام 1953م. ويتكون المشروع من مجموعة شاملة من الأعمال الهندسية المدنية المقامة على طول الساحل الهولندي وذلك في عام 1958، واكتمل تنفيذ الجزء الأكبر من المشروع في عام 1997 بالانتهاء من تشييد حاجز فيضانات العواصف ميزلانتكيرينج .
ومن ثم تم البدء في مشاريع أخرى جديدة بشكل دوري لتجديد هذه الأشغال وصيانة الإنشاءات والتجهيزات الهندسية. وكان الهدف الرئيسي لمشروع الدلتا هو الحد من خطر الفيضانات في جنوب هولندا وزيلند وتقليل حدوثه ليكون بمعدل مرة واحدة كل 10,000 سنة (مقابل 1 كل 4000 عام لبقية البلاد).
وقد تحقق ذلك من خلال إقامة 3,000 كيلومتر (1,864 ميل) من السدود البحرية الخارجية و10,000 كيلومتر (6,214 ميل) من السدود الداخلية وسدود الأنهار، وإغلاق مصبات الأنهار في مقاطعة زيلند. وأظهرت عمليات تقييم المخاطر إمكانية حدوث مشاكل جديدة تتطلب عمل تعزيزات إضافية للدلتا. وقد اعتبرت الجمعية الأمريكية للمهندسين المدنيين أعمال الدلتا هذه واحدة من عجائب الدنيا السبع في العالم الحديث.
وتشكل حماية البلاد من الفيضانات إحدى نتائج تغير المناخ. أما النتائج الأخرى فتتمثل في ازدياد ضغط مياه البحر على المياه الجوفية ، ونتيجة لذلك ستتراجع المياه الجوفية العذبة أكثر وأكثر إلى الداخل، مما سيؤدي إلى تزايد المياه الجوفية المالحة أو مياه السطح المالحة في المقاطعات الساحلية. وتبعاً لذلك ستضطر السلطات في بعض المناطق إلى تطبيق نظام تحلية المياه بالرغم من وجود وفرة واضحة من الماء العذب الصالح للشرب.
وسوف تتأثر الزراعة أيضاً، ويمكن للصوبات مواصلة إنتاجها إذا تم التعامل مع مصادر المياه بشكل أكثر كفاءة (فهي لا تعتمد فعلياً على المياه الجوفية وبالتالي لن تصبح أكثر ملوحة) على الرغم من أنها سوف تحتاج إلى إدارة للطاقة والمياه أكثر كفاءة. كما يتسبب المزيد من دفع المياه قليلة الملوحة في البر في أحداث تغيرات على الحياة النباتية والحيوانية.
تتبّع هولندا منذ عام 1815م النظام الملكي الدستوري، والديمقراطية البرلمانية منذ عام 1848. وتُوصف بأنها دولة توافقية تتميز السياسة فيها والحكم بمحاولة تحقيق إجماع واسع حول القضايا المهمة، بين المجموعات السياسية والمجتمع في الدولة ككل. وقد صنفت مجلة الإيكونومست البريطانية هولندا في عام 2010م بالدولة العاشرة في قائمة الدول الأكثر ديمقراطية في العالم.
الملك هو رأس الدولة، وهو في الوقت الحاضر الملك ڤيليم ألكسندر. وهو من الناحية الدستورية لا يتمتع إلا بصلاحيات شكلية محدودة، ولكن بإمكان العاهل أن يمارس بعض التأثير السياسي أثناء تشكيل الحكومة الجديدة، حيث يتولى مهمة اختيار وتعيين حكماً محايداً لينوب عنه في إدارة المفاوضات بين الأحزاب السياسية الفائزة في انتخابات مجلس النواب والتوفيق بين وجهات نظرها المختلفة للوصول إلى صيغة ائتلاف حكومي وإبرام ما يعرف في هولندا بإتفاق الحكم والذي يشكل برنامج الحكومة الائتلافية المشترك والسياسة التي ستقوم بتطبيقها أثناء فترة ولايتها.
بالإضافة إلى ذلك يحق للملك باعتباره رأس الدولة (حيث أن لقب «الملك» ليس له أية أهمية دستورية تذكر) أن يتم اطلاعه على مجريات الأمور في البلاد ومشاورته في شؤونها، ويتوقف مدى نفوذه وتأثيره السياسي على قوة علاقاته مع الوزراء بحيث يمكن أن يكون له تأثيراً أبعد من السلطة الممنوحة له دستورياً. وتتشكل السلطة التنفيذية من الملك باعتباره رأس الدولة ومجلس الوزراء ووزراء الدولة الذين يطلق عليهم مجتمعين وصف الحكومة.
ومن الناحية العملية مجلس الوزراء هو الذي يمارس السلطة التنفيذية. وعادة ما يتكون المجلس من 13 إلى 16 وزيراً، وعدداً متفاوتاً من وزراء الدولة، وهم وزراء مساعدون ليسوا أعضاء في مجلس الوزراء ولكنهم يشكلون جزء من الحكومة بحيث تتقاسم احزاب الائتلاف حقائب وزراء الدولة أسوة بحقائب الوزراء.
ويعدّ رئيس الوزراء هو رئيس الحكومة والذي غالباً ما يكون زعيم أكبر حزب في الائتلاف. ورئيس الوزراء هو أول النظراء دون أن تكون له صلاحيات صريحة تتجاوز تلك الممنوحة للوزراء الآخرين ولذلك فأنه يعرف أحياناً باسم الوزير الرئيس . وقد أصبح مارك روته زعيم حزب الشعب للحرية والديمقراطية الليبرالي رئيساً للوزراء منذ أكتوبر / تشرين الثاني 2010م؛. وتتكون الحكومة الحالية من ائتلاف لحزبه مع حزب العمل الهولندي الإشتراكي كشريك أصغر.
هولندا دولة لامركزية أحادية يحيث يكون للوحدات الإقليمية المختلفة صلاحيات دستورية مستقلة ويتكون الهرم الإداري من الحكومة المركزية في القمة ومجالس المقاطعات في الوسط ثم الجماعات الحضرية (البلديات) في قاعدة الهرم. وتنقسم هولندا إلى إثني عشر مقاطعة، كل منها تحت إدارة حاكم عام يطلق عليه اسم مفوض الملك ، باستثناء مقاطعة ليمبورغ التي تستخدم تسمية الحاكم .
وتضطلع هذه المجالس بأمور تقل أهميتها وتعقيداتها عمّا تضطلع به الدولة المركزية ولكنها أكبر من قدرة وسلطة البلديات مثل التخطيط العمراني والبنية الأساسية والحفاظ على الطبيعة والبيئة والثقافة وغيرها ويتولى الإدارة اليومية مجلس تنفيذي يترأسه مفوض الملك ويتم انتخاب مجلس المقاطعة من قبل الشعب مرة كل أربعة أعوام.
وتنقسم جميع المقاطعات إلى بلديات تديرها حكومات محلية من خلال مجالس بلدية يتزعم كل منها عمدة المدينة ويصل عددها الإجمالي إلى 403 بلدية. وتشمل مهام البلدية التنمية الحضرية والنقل والتعليم والرعاية الاجتماعية ونحو ذلك. وتحصل البلديات عن بعض مواردها المالية من الحكومة المركزية والبعض الآخر من الضرائب العقارية ورسوم وغرامات وقوف السيارات.
وأعلى هيئة في البلدية هي المجلس البلدي الذي يتم انتخاب أعضائه من قبل الناخبين المقيمين داخل حدود البلدية مرة كل أربعة أعوام. وتشرف على الإدارة اليومية للبلدية لجنة تنفيذية تتكون من مسؤولين تنفيذيين هم أعضاء أيضاً في المجلس البلدي يطلق على الواحد منهم في هولندا لقب محافظ القانون ، ويتم تعيين هؤلاء المسؤولين التنفيذيين من قبل المجلس البلدي والعمدة وهذا الأخير يتم تعيينه بمرسوم ملكي.
تتميز هولندا باقتصاد متطور لعب دوراً خاصاً في الإقتصاديات الأوروبية لقرون عديدة. وهو اقتصاد يتسم بانفتاحه الشديد ويعتمد على التجارة الدولية. وكانت ولا تزال قطاعات النقل البحري وصيد الأسماك والتجارة والخدمات المصرفية قطاعات رائدة في الاقتصاد الهولندي منذ قرن 16 .
وتعدّ هولندا واحدة من أكبر عشر بلدان رائدة في مجالات التصدير في العالم. وتشكل المواد الغذائية أكبر مجالات القطاع الصناعي الهولندي. أما الصناعات الرئيسية الأخرى فتشمل المواد الكيميائية والمعادن والآلات والسلع الكهربائية والسياحة (إستقبلت هولندا في عام 2012 حوالي 11.7 مليون سائح دولي).
ومن أمثلة الشركات الهولندية الرائدة عالمياَ في القطاعات الصناعية: شركة يونيليفر ، هاينكن في الصناعات الغذائية والمشروبات، ومجموعة إي إن خي في الخدمات المالية، وشركة دي.إس.إم الملكية وأكزو ، في مجال الصناعات الكيميائية، ومجموعة شركات شل الملكية الهولندية في الصناعات البتروكيميائية وتكرير النفط، وشركة فيليبس ، وإيه.إس.إم.إل للآلات الإلكترونية، وشبكة ملاحة وخرائط الطرق توم توم .
أمستردام هي عاصمة المال والأعمال في هولندا. وبورصة أمستردام جزء من يورونكست، وهي من أقدم أسواق الأوراق المالية في العالم وتعد واحدة من أكبر البورصات في أوروبا، ويقع مقرها بالقرب من ساحة الدام في وسط المدينة. وباعتبارها عضواً مؤسساً لليورو (ولأغراض محاسبية)، استبدلت هولندا في 1 يناير / كانون الثاني عام 1999 عملتها السابقة «الجيلدر» بالعملة الأوروبية الموحدة، اليورو، أسوة ببلدان منطقة اليورو الأوروبية الخمسة عشر وقتئذ.
وتبع ذلك ادخال العمل بعملات اليورو الورقية والنقدية كعملات مبرئة للذمة في 1 يناير / كانون الثاني 2002. وكان اليورو آنذاك يعادل 2.20371 جيلدر هولندي. أما في الجزر الكاريبية الهولندية فيُتم التعامل بالدولار الأمريكي بدلاً عن اليورو.
وتواصل الحكومات الهولندية المتعاقبة مساعيها الدؤوبة في جعل هولندا واحدة من البلدان الأوروبية الرائدة في مجال جذب الاستثمار الأجنبي المباشر. تعد هولندا حالياً واحدة من أكبر المستثمرين الخمسة الأوائل في الولايات المتحدة. ورغم أن الاقتصاد الهولندي قد شهد تباطؤاً في نموه في عام 2005 إلأ أنه استعاد عافيته ومكانته الريادية في عام 2006 باضطراد خلال ست سنوات وذلك على خلفية الاستثمارات الضخمة وإزدياد حجم الصادرات. وقد بلغت وتيرة نمو الوظائف أعلى مستوياتها في عام 2007. ووفقاً لتقرير التنافسية العالمية للمنتدى الاقتصادي العالمي. يعد الاقتصاد الهولندي الاقتصاد الخامس الأكثر قدرة على المنافسة في العالم.
يزور هولندا سنويا نحو 10 إلى 11 مليون من السياح الأجانب. ومن أهم ما يقصده هؤلاء السياح هو المعالم التاريخية، والعمرانية (أعمال الدلتا) والمناظر الطبيعية وأماكن الترفيه ومواقع تنظيم الفعاليات والمهرجانات.
وتعدّ المدن الهولندية وجهات سياحية رئيسية، خصوصاً العاصمة أمستردام التي تحظى بشعبية كبيرة بين السياح الأجانب وذلك بفضل ما تزخر به من معالم سياحية كالقنوات المائية والمتاحف (متحف بيت آن فرانك، ومتحف الشمع أمستردام، ومتحف الدولة الذي يحتوى على عدد من أعمال كبار الرسامين الهولنديين) والمقاهي التي تبيع المواد العشبية المخدرة المسموح بها خاصة في منطقة دي فالين الحمراء.
و كانت أمستردام في عام 2007 م، الوجهة السياحية الأكثر استقطاباً للسياح في هولندا والرابعة في أوروبا، والسابعة على نطاق العالم. فقد بلغ عدد زوارها في تلك السنة قرابة الخمسة ملايين سائح.
بلد السحر والجمال
ردحذف