سويسرا
سويسرا

الاِتِّحَاد السُّوَيْسْرِيّ هي جمهورية فيدرالية تتكون من 26 كانتون، مع برن كمقر للسلطات الاتحادية. تقع سويسرا في غرب أوروبا، حيث تحدها ألمانيا من الشمال، فرنسا من الغرب، إيطاليا من الجنوب، والنمسا وليختنشتاين من الشرق. تشكلت الكونفدرالية السويسرية على مدى عدة قرون، لكنها تميّـزت منذ نهاية القرن الثالث عشر بحرصها على الحياد، وابتعادها عن الدخول في حروب مع جيرانها. ومع أنها تقع في قلب القارة الأوروبية، إلا أنها تمتاز عن معظم الدول المجاورة لها بتنوّعها الديني واللغوي وتمسكها بممارسة الديمقراطية المباشرة.

سويسرا هي أيضاً مهد للصليب الأحمر؛ وموطن لعدد كبير من المنظمات الدولية؛ بما في ذلك ثاني أكبر مكتب للأمم المتحدة. وعلى المستوى الأوروبي فهي عضو مؤسس في الرابطة الأوروبية للتجارة الحرة؛ وجزء من منطقة شنغن، وعلى الرغم من أنها ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي ولا في المنطقة الاقتصادية الأوروبية إلا أن .
سويسرا هي واحدة من أغنى البلدان في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي للفرد، وتحتوي على أعلى ثروة للشخص البالغ (الأصول المالية وغير المالية) من أي بلد في العالم. وقد تم تصنيف زيوريخ وجنيف المدينتين الثانية والثامنة من بين الأعلى في جودة المعيشة في الحياة في العالم. وهي الدولة التاسعة عشر كأكبر اقتصاد في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي ورقم 36 في تعادل القوة الشرائية.

سويسرا بلد قام على أساس احترام الأقليات وعلى الديمقراطية المباشرة؛ التي أدّت في نهاية المطاف إلى نظام فدرالي يضم 26 إقليمٍ أو كما تُعرف بكانتون، تلتقي على التواؤم والتضامن فيما بينها. ورغم أنها تختلف فيما بينها بالهوية إلا أن المصلحة المشتركة تجمعها.
وجدير بالذكر أنه ليس أمام الاتحاد الأوروبي إذا أراد النجاح إلا أن يعتمد التجربة السويسرية. فثمة تماثل بين الفدرالية السويسرية والاتحاد الأوروبي فيما عدا الشأن المالي والدِّفاع والسياسة الخارجية، رغم أن سويسرا الحديثة تشكّلت عام 1848. في سويسرا، لا توجد لغة رسمية واحدة، بل هناك أربع لغات، ولا توجد ثقافة واحدة، بل هناك عدة ثقافات متنوعة وغنية ومتناقضة فيما بينها.
فبعض المواطنين لغتهم الأم الفرنسية، ويعيشون ويعملون في مدينة منفتحة مثل جنيف، يوجد فيها أكثر من 200 منظمة دولية. والبعض من سكان الريف، يعيشون في قرى جبلية تقع في كانتون أوري، ويتحدّثون بلهجة ألمانية، وليس بينهم إلا كما بين اليابانيين والبرازيليين، إلا أنهما يرتبطان سويا بتاريخ من النجاحات التي حقّقها وما زال يحقِّـقها هذا البلد، وبديمقراطية يعود تاريخها إلى أكثر من 700 عام.
تضم سويسرا أربع مناطق رئيسية لغوية وثقافية: الألمانية، الفرنسية، الإيطالية والرومانشية، وعلى الرغم من أن الغالبية تتحدث الألمانية، إلا أنها لا تشكل أمة في معنى هوية عرقية أو لغوية مشتركة لكن بينهم شعور قوي بالانتماء إلى البلد الذي تأسس على خلفية تاريخية مشتركة وقيم مشتركة (فدرالية وديمقراطية مباشرة) تتخذ من جبال الألب رمزاً لها.
وتحتفل سويسرا بعيدها الوطني في 1 أغسطس من كل عام والذي يوافق تاريخ إنشاء الاتحاد السويسري في 1 أغسطس 1291.
تعتبر سويسرا أحد أكثر الاقتصادات القوية في العالم. فعلى الرّغم من مساحتها المحدودة وعدم توفُّر المواد الخام بأرضها، إلا أن سويسرا تشهَد نجاحاً اقتصادياً مرمُوقاً في المجاليْن الصناعي والمالي. ونظراً للظروف الاقتصادية والسياسية الإيجابية، تتخّذ العديد من الشركات متعدِّدة الجنسيات من سويسرا مقرّاً لها. وتبقى البلد معتمدة بشكل كبير على استيراد المواد الأولية والمُنتجات شِبه المصنعة والمنتجات الجاهزة، إضافة إلى الطاقة والمواد الغذائية.
أما الزراعة، فإنها موجّهة بشكل أساسي نحو تربية المواشي وإنتاج الألبان. وتحقِّق البلاد نجاحات كبيرة في مجالات أخرى، مثل زراعة الحبوب والعِنب والفواكه. كما أن لسويسرا حضور في التجارة الدولية من خلال تربية المواشي وإنتاج الألبان، وتتمتّع بالإضافة إلى المزارع الكبيرة، بالعديد من المزارع الصغيرة وما دون الصغيرة. فيما يهدد غزْو منتجات الأسواق الأجنبية يجعل الفِلاحة السويسرية أمام تحدٍّ ليس بالسّهل.
تتميز الصناعة السويسرية بالمُنتجات عالية الجودة، وتُعتَبر المصانع الصغيرة والمتوسِّطة أهم القطاعات الصناعية في البلاد. ويتِم تصدير جُزء كبير من المنتجات الصناعية. ومن أهم المجالات الصناعية والحِرفية: تصنيع المعادن وصناعة الماكينات والآلات وصناعة الساعات والأدوية والكيماويات والمواد الغذائية وصناعة المنتجات الفاخرة وصناعة البناء والتشييد. كما يوجد على رأس صناعة الماكينات والآلات: صناعة الأجهزة الكهربائية وآلات النسيج ووحدات ومراكز إنتاج الطاقة والقاطرات والمصاعد والصناعات الدقيقة، فضلاً عن تزايُد أعداد الشركات التي تهتَم بصناعة التكنولوجيا الجديدة (بما في ذلك التكنولوجيا البيئية وتكنولوجيا النانو).
أما عن قطاع الخدمات السويسري فهو في غاية التطوّر. فهناك البنوك وشركات التأمين، والتي تُزاول نشاطها على مستوى دولي. وتجيد سويسرا فنّ صناعة السياحة، إذ تحتلّ السياحة هي الأخرى مكانة مرموقة، ولها اعتباراتها المتميِّزة، من تنوع في المواقع الطبيعية إلى تعدّد أماكن ممارسة الرياضات المختلفة، بالإضافة إلى المطاعم التي تقدِّم أطيب وأشهى الأكلات المتميِّزة.
كل ذلك جعل من سويسرا مكاناً ممتعاً لقضاء العطلات والقيام بالرحلات، واستقطاب أعداداً غفيرة من السياح. ومن جانب آخر فإن سويسرا منْخرِطة بشكل كبير في مجال التجارة الدولية، لدرجة أنها أصبحت تحقِّق حالياً نصف أرباحها في الخارج، أما أهم شركائها التجاريِّين فهي دول الاتحاد الأوروبي ودول السوق الأوروبية المشتركة والولايات المتحدة الأمريكية واليابان والصين.
وهنالك تقدُّم على جبهة المحيط الهادي، حيث تظهر الأسواق الجديدة الآخِذة في التوسّع. وفي عام 2008 بلغت قيمة الصادرات السويسرية 216,3 مليار فرنك، بينما بلغت قيمة السلع المُستوردة 197,4 مليار فرنك، وبذلك يكون قيمة الفائض التجاري نحو 18,9 مليار فرنك.
تعتمد سويسرا اقتصاد القطاع الخاص إلى حد كبير بالإضافة إلى المعدلات الضريبية المنخفضة وفقا لمعايير العالم الغربي؛ وتعد سويسرا مكان سهل نسبياً للقيام بأعمال تجارية، وتحتل المرتبة 28 حالياً من بين 178 دولة في مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال. تباطأ نمو سويسرا خلال عام 1990 وعاد للارتفاع خلال عام 1993 نتيجة لاعتماد قدر أكبر من الإصلاحات الاقتصادية والتوجه للانسجام مع الاتحاد الأوروبي.
وفقا لبنك كريدي سويس، يمتلك حوالي 37٪ من السكان منازل خاصة بهم، وهي واحدة من أدنى معدلات ملكية المنازل في أوروبا حيث يصل مستوى أسعار المنازل والمواد الغذائية إلى 171٪ و 145٪ طبقاً لمؤشر-25 الصادر عن الاتحاد الأوروبي في عام 2007، مقارنة بـ 113٪ و104٪ في ألمانيا.
ساهمت السياسات الحمائية الزراعية بالفدرالية إلى استثناء سويسرا من نظام التجارة الحرة مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية. ومع ذلك، القوة الشرائية المحلية هي واحدة من الأفضل في العالم. وبصرف النظر عن الزراعة، فإن الحواجز الاقتصادية والتجارية بين الاتحاد الأوروبي وسويسرا في أدنى معدلاتها، ووقعت سويسرا اتفاقات للتجارة الحرة في جميع أنحاء العالم، وهي عضو في رابطة التجارة الحرة الأوروبية
تُعد السياحة من مصادر الدخل التقليدية في سويسرا، رغم أن السويسريين الذين يسافرون إلى الخارج ينفقون تقريباً ما يُعادل نفقات السياح الأجانب الذين يزورون سويسرا، ويُعتبر القطاع السياحي ثالث أكبر صناعة تصديرية في البلاد بعد صناعة الحديد والهندسة والقطاع الصيدلي، إذ يوظف 250 ألف شخص.
نشأ القطاع السياحي السويسري في القرن التاسع عشر. لكن المناظر السويسرية الخلابة كانت قد استقطبت منذ القرن السابع عشر - من خلال الكتب والفنون - نخبةً من المثقفين والمشاهير الأجانب. ازدهر القطاع السياحي السويسري لدى نشأته خلال فصل الصيف.
وفي أشهر الشتاء، كانت الثلوج الكثيفة تقف عائقاً أمام وصول الزوار. ومع ظهور النشاطات الرياضية الشتوية في أواخر القرن التاسع عشر، خاصة في بريطانيا، تحولت العطل الشتوية إلى موضة. وأصبحت اليوم عبارةُ "الموسم السياحي الضعيف" تشير فقط إلى بضعة أسابيع في موسمي الربيع والخريف.
تركت التغيرات المناخية أثراً واضحاً على الطبيعة في منطقة جبال الألب السويسرية، لاسيما على مسارات التجول والكتل الجليدية في المنطقة. ومن خلال تشجيع السياحة البيئية تحاول سويسرا مواجهة تداعيات هذه الظاهرة على المحيط البيئي. فالأنهار الجليدية تذوب، وفي الجبال تنمو أنواع نباتية جديدة بينما تنقرض أنواع أخرى.
إن تبعات التغير المناخي تتجلى بوضوح في المناطق الجبلية عن غيرها من المناطق، وهذا ينطبق تماماً على جبال الألب السويسرية. ومنذ منتصف الثمانيات نقص طول كل الأنهار الجليدية، وبلغ ذلك أقصى مدى له في عام 2003، حيث نقص طول تلك الأنهار بنسبة تصل إلى خمسة في المائة. وتركت هذه التغييرات أيضا أثرها على قطاع السياحة الجبلية في مناطق جبال الألب، وهي تمثل مصدرا مهما للدخل، ومن هنا كان من الضروري إيجاد طرق أخرى للحفاظ على ذلك القطاع.
لكن من الصعوبة بمكان العمل على تلافي آثار التغير المناخي في تلك المنطقة بعينها، إذ ينبغي للسياحة الجبلية أن تكون رفيقة لحالة المناخ، وهذا هو الهدف الذي ترمي إليه مفاهيم السياحة البيئية الجديدة. وهناك مشروع رائد في جبال الألب ويعرف بـ "كوخ مونتي روزا الجديد"، وقد تم افتتاحه في عام 2010.
ويتمتع المبنى بالاكتفاء الذاتي على نطاق الطاقة، فهو يولد ويسد احتياجاته من الطاقة دون اللجوء إلى توليدها من مصادر أحفورية كالنفط أو الفحم، إذ يتم توفير إمدادات الطاقة عبر الألواح الشمسية، ويتم من خلال ذلك تسخين المياه اللازمة للاستخدام في المنازل، وذلك بأسلوب غير مضر بالبيئة. كما تم تركيب أنظمة للتهوية والإضاءة، تعمل أيضا بأسلوب صديقة للبيئة. وفي حال كان إنتاج الطاقة زائداً عن الحاجة، فيمكن تخزينها باستخدام بطاريات خاصة.
بلد جميل بما يحتوية من المناظر الطبيعية والجمال
ردحذف