ابراهيم

ابراهيم


إبراهيم عليه السلام
عرف عن إبراهيم عليه السلام التسامح، والخلق الحسن، وهو أحد أولي العزم الخمسة الكبار الذين أخذ الله منهم ميثاقاً غليظا، كما أنّه النبي الذي اختاره الله، وكرمه بأن جعل ملّته هي التوحيد النقيّ من الشوائب، وجعله إماماً للناس، وجعل في ذريته الكتاب والأنبياء، كما اتخذه الله خليلاً، ممّا يدلّ على شدة محبّته له، وفي هذا المقال سنعرفكم على بعض مواقفه.



كان إبراهيم عليه السلام يعيش وسط قومٍ يعبدون الكواكب والتماثيل الحجرية والخشبية والملوك، إلا أنّه لم يرضَ بما كانوا يعبدونه، وكان والده أحد الذين يصنعون الأصنام، إلا أنه أحس بفطرته أنّ هناك إلهاً أعظم، فهداه الله تعالى، واختاره ليحمل الرسالة، فبدأ يدعو قومه لعبادة الله وحده، إلا أنّهم كذبوه، وهددوه بالقتل، وحاولوا إحراقه، فهجر قومه وبيته، ثمّ خرج إلى المعبد مع فأسه مستغلاً انشغال قومه وتجمعهم، فحطم كافّة التماثيل حتى تحولت لقطعٍ صغيرة من الأخشاب والحجارة، إلا كبير الأصنام، حيث تركه ليثبت لقومه أنه غير قادر على الدفاع عن التماثيل الأخرى، إلا أنّهم غضبوا، واستعدوا لحرقه، فتجمّع العديد منهم ليشهدوا عقابه، إلا أنّ الله نجّاه من النار التي كانت باردة عليه، حيث خرج إليهم سليماً، دون أيّ أثر للحريق أو للدخان

ذهب إبراهيم عليه السلام إلى أحد الملوك ليدعوه لعبادة الله وحده، حيث قال له أن الله يحي ويميت، إلا أنّه ردّ عليه أنّه هو من يحي ويميت، فأحضر رجلاً من الشارع، وقلته، وعفا عن سجين محكوم عليه بالإعدام، فلم يجادل إبراهيم الملك لسذاجته، إلا أنّه أراد أن يثبت له أنّه غير قادر، فقال إبراهيم: (فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ) [البقرة:258] فأحس الملك بعجزه.

استمر إبراهيم عليه السلام بنشر دعوته، ومحاولة إقناع الجميع، إلا أنّه لم يؤمن من قومه سوى رجل يعرف باسم لوط، وامرأة تعرف باسم سارة، حيث أصبحت زوجته لاحقاً، ثمّ هاجر عليه السلام، وسافر إلى مدينة تدعى أور، ومدينة أخرى تسمى حيران، ثم رحل إلى فلسطين مع زوجته سارة، ولوط معه، ثم ذهب إلى مصر، وتزوّج من هاجر، وأنجب منها ابنه إسماعيل وهو في السادسة والثمانين من العمر، كما أنجب إسحاق من سارة، وكلاهما من الأنبياء.

عندما انتشرت قصّة سيّدنا إبراهيم مع قومه وتحدّث النّاس عنها، أراد الملك النّمرود أن يجادل إبراهيم في دعوته: فسأله الملك: من ربّك؟ فقال إبراهيم مجيبًا: {ربّي الذي يحيي ويميت} فقال الملك: {أنا أحيي وأميت} حينها أمر الملك جنوده بإحضار رجلين من المساجين، فأمر بقتل أحدهما وترك الآخر، ثمّ نظر إلى إبراهيم وقال له: ها أنا ذا أحيي وأميت، قتلت رجلاً، وتركت آخراً!! فقال له إبراهيم عليه السلام: {فإنّ الله يأتي بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب} فسكت النّمرود واعترف بعجزه أمام سيّدنا إبراهيم عليه السلام.

قرّر إبراهيم عليه السلام الهجرة مع زوجته سارة وابن أخيه لوط الّذيْن لم يؤمن أحدٌ سواهما من المدينة، فذهب إلى فلسطين بالقرب من قرية أربع والتي نشأت فيها مدينة الخليل المحتوية على الحرم الإبراهيمي، ويُعتقد بأنّه دفن فيها بعد ذلك. ثمّ هاجر الى مصر بسبب القحط في فلسطين، وتزوّج هناك هاجر، وأنجب منها إسماعيل وهو بالسادسة والثمانين من العمر، أمّا سارة فأنجب منها إسحاق، وكلاهما من الأنبياء.

أمر الله تعالى سيدنا إبراهيم عليه السلام أن يقوم ببناء الكعبة الشريفة في مكة المكرمة وأعانه في ذلك ابنه اسماعيل ، لتكون أول بيت يوضع للمسلمين استجاب ابراهيم لأمر ربه و قاما ببناء الكعبة دون توان أو كسل أو خوف .

 فقال إبراهيم لابنه: يا بني، إنّ الله قد أمرني أن أبني ها هنا بيتاً، فردّ عليه إسماعيل بالسمع و الطاعة قام كل من الأب و ابنه بحفر أساس الكعبة بالمعاول ، وتعاونا مع بعضها في رفع قواعدها ، حيث كان اسماعيل يأتي بالحجارة ، وإبراهيم يبني وما إن ضعف إبراهيم عن عن رفع الحجارة للأعلى قال لابنه اسماعيل: يا بني، أحضر لي حجراً أضعه تحت قدمي لأتمكّن من إتمام ما بدأت به ذهب إسماعيل باحثاً عن حجر لوالده إلى ان وجد حجراً أسود اللون ، قدمه لوالده .

 فقام عليه إبراهيم وأخذ يبني البيت وابنه اسماعيل يناوبه إلى أن أتم الاثنان بناء هذا البيت الحرام و الذي جعله الله تعالى مثابة للناس وأمنا، ومن ثمّ وضع الحجر الأسود في موقعه المعروف وقد جاء ذلك في آيات القرآن الكريم التالية "وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"

 تعدّ الكعبة الشريفة أول بيت وضعه الله تعالى لعبادة الله، في حين كانت الكثير من الشعوب والأمم القديمة يبنون البيوت لعبادة التماثيل و الأصنام، ، فقد قال تعالى: "إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ"

 وقد وصف الله تعالى خواص هذا البيت الحرام و كيف تمّ بناؤه و تطهيره من الأصنام ، في الآيات التالية من سورة البقرة وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) "

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ" (126) "وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" (127) "رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" (128) "رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" (129)

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

Marsa Matrouh

the Bull

Saudi