داود
داود
يُعد داوُد أحد الأنبياء في الديانة الإسلامية أنزِل عليه الزبور "المزامير". يدّعي الدين اليهودي أن داوُد هو مرتكب زنا وقاتل، حيث هذا ما يؤمن به المسيحيون واليهود. أما في الديانة الإسلامية فهو نبي ولا يرتكب مثل ذلك من حيث عصمة الأنبياء.
يظهر في القرآن جالوت الذي هو نفسه جليات عند اليهود الذي قتله داوُد. وفي سورة البقرة وَرَدَ:
فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ




تقدم أنه لما قتل جالوت وكان قتله له فيما ذكر ابن عساكر عند قصر أم حكيم بقرب مرج الصفر فأحبته بنو إسرائيل ومالوا إليه وإلى ملكه عليهم فكان من أمر طالوت ما كان وصار الملك إلى داود عليه السلام وجمع الله له بين الملك والنبوة بين خيرى الدنيا والآخرة وكان الملك يكون في سبط والنبوة في آخر فاجتمع في داود هذا.
بحسب القرآن :
فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ




هو النبي، الملك، العابد، القانت، الأواب، المجاهد: داوود بن أبشا بن عوير بن سلمون بن نحشون بن عوينا دب بن أرم بن حصرون بن فرص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السلام.
كان عليه السلام طاهرًا ونقي القلب، جمع الله له الملك والنبوة، بين خيري الدنيا والآخرة، وكان الملك يكون في سبط والنبوة في آخر فاجتمعا في "داوود" عليه السلام، وكان عليه السلام فتي صغيرًا من بني إسرائيل، وجنديًا شجاعًا من جنود طالوت.
خرج "داوود" مع بني إسرائيل يقاتل في سبيل الله فكان مع الفئة القليلة الصابرة، حيث قال تعالي: "فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ " (البقرة 248).
وكان جالوت ملكًا قويًا جبارًا وقائدًا مخوفًا، وعندما تقابل الجيشان في الميدان نادى جالوت بأعلى صوته: هل من مبارز؟ فلم يخرج من بنى إسرائيل أحد حتى خرج "داوود" من بين الصفوف وتصدى له، وكان ماهرًا في رمي المقلاع، وكان معه خمسة أحجار، فرماه بالحجارة بمقلاعه فوقعت بين عينيه فقتلته، حيث أراد سبحانه وتعالي أن يجعل مصرع هذا الجبار (جالوت) علي يد هذا الفتى الصغير، فقال تعالى: "وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ".
قال ابن كثير: فيه دلالة علي شجاعة داوود عليه السلام، برغم صِغر سنه، أنه قتل جالوت قتلاً أذال الله تعالى به جنده وكسر جيشه، ولا أعظم من غزوة يقتل فيها قائد الجيش، فتغنم بسبب ذلك الأموال الجزيلة، ويصبح الأبطال والشجعان والأقران أسرى، وتعلو كلمة الإيمان على الأوثان، ويظهر الدين الحق على الباطل وأوليائه.
قال تعالي: "وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ" (سبأ 10 و11)، وقال تعالي: "وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ" (الأنبياء 80). الله عز وجل منّ عليه أن ألان له الحديد حتى كان يفتله بيده دون أن يحتاج إلي نار ولا مطرقة، حيث كان يُتقن صنع الدروع منه، ليحصن المقاتل من الأعداء، وكأنه قطعة من القماش.
ولقد أرشده الله إلي صنعتها وكيفيتها، وثبت في الحديث: "أن أطيب ما أكل الرجل من عمل يده، وأن نبي الله داوود عليه السلام كان يحب أن يأكل من عمل يده مثل باقي أنبياء الله، فكان يصنع كل يوم درعًا يبيعها"، وقال قتادة: إنما كانت الدروع قبله صفائح، وهو أول من سردها حالقًا، كما قال تعالي: "وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ (11)" أي: لا توسع الحلقة فتفلق المسمار ولا تغلظ المسمار فتفقد الحلقة، ولهذا قال: "لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ".
قال النبي صلي الله عليه وسلم: "كان داوود أعبد البشر" رواه مسلم، وقال النبي عليه الصلاة والسلام أيضًا: "أحب الصلاة إلي الله صلاة داوود، وأحب الصيام إلي الله صيام داوود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يومًا ويفطر يومًا" متفق عليه عن ابن عباس.
وعن قيام "داوود" الليل، قيل: كانت له ركعة من الليل يبكي فيها نفسه، ويبكي ببكائه كل شيء ويصرف بصوته الهموم والأحزان، وقال ابن كثير: كان لا يمضي ساعة من آناء الليل وأطراف النهار إلا وأهل بيته في عبادة ليلًا أو نهارًا.. كان "داوود" هو المقتدي به في ذلك الوقت في العدل وكثرة العبادة وأنواع القربات إلى الله.
أورد علماء السير والأخبار أن آدم عليه السلام عندما أراه الله ذرّيته، طلب منه أن يزيد داوود سنين في عمره بعدما علم أنه سيُقبض وهو بعمر الستين، فمنحه الله أربعين زيادة وأنقصها من عمر آدم، وعليه فإن عمر داوود هو مئة عام وهو الغالب، فيما قال أهل الكتاب أن عمره سبع وسبعون، وقد حكم في ملكه أربعين عاماً، أمّا وفاته فقد ورد أنه كان شديد الغيرة على أهل بيته، حيث كان يُغلق الباب خلفه إذا ما خرج ولا يُفتح إلّا عندما يكون متواجداً، فعاد يوم إلى بيته فرأى رجلاً فسأله عن نفسه، فرد عليه بأنّه الذي لا يهاب الملوك ولا يمنعه حجاب، فعلم أنه ملك الموت ورّحب به وبأمر الله قُبضت روحه.
نبى من انبياء الله الصالحين
ردحذف