اسماعيل

اسماعيل


النبي إسماعيل عليه السلام هو ابن النبي إبراهيم -عليه السلام- من زوجته هاجر، حيث تزوج النبي إبراهيم -عليه السلام- من هاجر أم إسماعيل بعدما طلبت منه زوجته سارة هذا، لأنّها كانت عاقر، وأرادت أن تُدخل الفرح إلى نفس إبراهيم بعدما أصابه الكبر ولم يُرزق بأبناء، فأهدت إليه هاجر التي كانت جارية عند سارة.

 وما لبثت هاجر أن أنجبت إسماعيل، ففرح النبي إبراهيم -عليه السلام- فرحًا كبيرًا، وبعد ولادة إسماعيل -عليه السلام- أصابت الغيرة قلب سارة، فألهم الله إبراهيم أن يأخذ هاجر وإسماعيل إلى مكة، وكانت حينها مكان لا زرع فيه، وفي هذا المقال سيتم ذكر قصة إسماعيل -عليه السلام-.

بعد أن رزق الله سبحانه وتعالى نبيه وخليله إبراهيم عليه السلام بولدٍ من هاجر هو إسماعيل عليه السلام، أحبه إبراهيم عليه السلام حبًا شديدًا وتعلق قلبه به.. فأراد الله سبحانه وتعالى أن يختبر نبيه إبراهيم عليه السلام فأمره أن يذبح ولده الوحيد وفلذة كبده إسماعيل بعد أن كبر..

 وقد جاء هذا الأمر في رؤيا رآها إبراهيم عليه السلام في المنام: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات:102].. ومعلوم أن رؤيا الأنبياء وحي.   فذهب إبراهيم عليه السلام لولده وأخبره بما أمره الله به.

 فما كان من هذا الولد الصالح ابن السيدة التي وكلَّت أمرها لله تعالى في السابق إلا أن يستجيب لوالده ولأمر الله تعالى بكل حب وطواعية صابرًا محتسبًا، مُرضيًا لربه، وبارًا بوالده؛ قائلاً: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات:102].

ولما استسلم إبراهيم وولده لأمر الله تعالى وفوضا أمرهما إليه.. ذهبا سويًا إلى مكانٍ بعيدٍ وخلع إسماعيل قميصه ليكفنه والده فيه، وأضجع إبراهيمُ ولدَه على وجهه لئلا ينظر إليه فيشفق عليه.. وفي هذه اللحظات التي تُسكَب فيها العبرات، وتُحتَبس من أجلها الأنفاس داخل الصدور، فلا ترى إلا المدامع في العيون.

 وضع إبراهيم عليه السلام السكين على رقبة ولده ليحزها، فسُلِبَت السكين حدها كما سُلِبت النار من قبل إحراقها.. وجاءت البشرى فنودي إبراهيم عليه السلام: {أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ . قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ . إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ} [الصافات:104- 106].


وإذا بكبشٍ عظيم أبيض اقرن قد بعثه الله تعالى فداءً لإسماعيل عليه السلام {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات:107]. وأصبح هذا اليوم يومُ عيدٍ للمسلمين وأصبح ذبح الأضحية نُسكًا يُتقَرب به إلى الله تعالى إكرامًا لذكرى إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام.

بعد أن وضع إبراهيم -عليه السلام- هاجر وابنها إسماعيل في مكة، رجع إلى دياره، فقالت له هاجر: إلى أين تذهب وتتركنا هنا في هذا الوادي؟، ولم يلتفت إليها إبراهيم، فقالت له: "الله الذي أمرك بهذا؟!"، قال: نعم، فقالت: "إذن لا يُضيعنا".

 فانطلق إبراهيم عليه السلام ووقف عند الثنية بحيث يراهم ولا يرونه، فدعا الله تعالى بكلمات: "إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ" 

 وأخذت هاجر تُرضع إسماعيل -عليه السلام- وتشرب من ماء السقاء حتى نفذ، فعطشت وعطش ابنها، وأخذ يتلوى وهي تنظر إليه، فأخذت تمشي ما بين الصفا وتسعى في الوادي وتتجاوزه حتى تأتي مكان المروة، وفعلت هذا سبع مرات.

 وإذ بها ترى موضع ماء زمزم، فأخذت منه بيدها وجعلت تغرف منه في سقائها وهو يفور فشربت حتى ارتوت وأرضعت إسماعيل، ومرّ بها قوم وهي عند الماء فسألوها: "أتأذنين أن ننزل عند؟"، فقالت لهم: "نعم، لكن لا حق لكم في الماء"، فقالوا: نعم، فنزلوا في المكان هم وأهلهم.

 وقد كانوا من العرب، فشبّ إسماعيل -عليه السلام- بينهم وتحدّث العربية، وزوجوه امرأة منهم. وماتت هاجر أم إسماعيل عليه السلام، وجاء إبراهيم -عليه السلام- إلى إسماعيل -عليه السلام- بعد أن كان قد تزوج، فسأل امرأته عنه فقالت: "خرج يبتغي لنا".

وسألها عن هيئتهم وكيفية معيشتهم فأجابت: "نحن بشرن نحن في ضيق وشدّة"، وأخذت تشكو له، فقال لها: "فإذا جاءَ زوجُكِ فاقْرئي عليْه السَّلاَم، وقُولي لهُ إذا جاء أن يغيّر عَتبة بابِه"، ولما جاء إسماعيل -عليه السلام- سألها: "هل جاءكم من أحد؟، قالت: نعم، وقال كذا وكذا، فقال لها: "ذاك أبي وأمرني أن أُطلقك فالحقي بأهلك"، وطلقها، وتزوج ثانية.

 ثم عاد إبراهيم -عليه السلام-، وسأل امرأة إسماعيل -عليه السلام- الثانية نفس ما سأل الأولى فأجابت: "نحْنُ بخَيْرٍ وسَعةٍ"، وأثْنت على اللَّه، فقَال لها: "ما طعامكُم؟"، قالتِ: "اللَّحمُ"، قال: "فما شرابُكمْ؟" قالت: "الماءُ"، قال: "اللَّهم بارِك لهم في اللَّحم والماء".

 وقال لها: "فإِذا جاء زوجك فاقْرئي عليْهِ السَّلام، ومُرِيه يثبتُ عتبةَ بابه". وعندما جاء إسماعيل -عليه السلام- أخبرته بما جرى، فقال لها: "ذاك أبي وأَنت العتبةُ، أمَرني أنْ أمْسكك"، ثم عاد إبراهيم -عليه السلام- إلى إسماعيل -عليه السلام- بعد مدّة، ولاقاه ملاقاة الأب لابنه.

 وقال له: يا إسْماعِيلُ! إِن اللَّه أمرني بأَمْر"، قال: "فاصنعْ ما أمركَ ربك، قال: "وتعينُني؟، قال: "وأُعِينُك"، قال: "فإنَّ اللَّه أَمرني أنْ أبني ها هنَا بيتًا"، وأشّر إلى مكان مرتفع، وبدأ كل من إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- برفع قواعد البين حتى ارتفع بناءه.

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

Marsa Matrouh

the Bull

Saudi